فقر الدم، علاج سهل ومضاعفات خطيرة

[size=12][size=24][size=24][size=24]يفهم من فقر الدم، عند عامة الناس، تعرض الشخص المصاب لنقصان في كمية الدم في الجسم. لكن التعريف البيولوجي لفقر الدم هو انخفاض في كمية الهيموغلوبين في الدم أي عدد الكريات الحمراء. فما هي أسباب الإصابة بفقر الدم؟ ما هي أعراض المرض وما هي وسائل العلاج الممكنة؟</STRONG>
خديجة ألباب

يتكون الدم من خلايا تتمثل في الكريات الحمراء التي تقوم بمهمة نقل الأوكسجين من الرئتين إلى كل أعضاء الجسم، والكريات البيضاء التي تقاوم التعفنات وتحمي الجسم من الإصابة بالأمراض، والصفيحات الدموية التي تؤمن وظيفة تخثر الدم.
كل هذه الخلايا تسبح في البلاسما التي تحتوي أيضا على مكونات أخرى منها البروتينات والأملاح المعدنية والفيتامينات والسكريات.
يحتاج جسم الإنسان إلى كميات محددة من هذه المكونات، وفي حال حدوث أي نقصان فيها يكون معرضا للإصابة بالأمراض.
فقر الدم هو أحد هذه الأمراض، ويتجلى في انخفاض كمية الكريات الحمراء في الدم.
الكشف عن أسباب الإصابة بفقر الدم يكتسي أهمية كبرى، لأن الأسباب يمكن أن تكون بسيطة وعلاجها سهلا، كما يمكن أن تنتج عن الإصابة بمرض خطير، يكون فيه فقر الدم علامة يجب أن تثير انتباه المصاب وتجعله يعرض نفسه على الطبيب.

أسباب متعددة ومتداخلة
إن أسباب الإصابة بمرض فقر الدم متعددة ويمكن أن تكون مركبة. والسبب الأكثر شيوعا هو النقص في كمية الحديد في الدم والتي تنتج عن نزيف دموي قد يكون ظاهرا أو غير ظاهر، كالنزيف الحاصل في الجهاز الهضمي، في البلعوم أو الأمعاء الرقيقة والغليظة أو في المعدة.
النزيف في الجهاز الهضمي يحدث في بعض الحالات بسبب حميد كالقرحة في المعدة أو الفتق أو البواسير أو بسبب تناول أدوية معينة، وفي حالات أخرى يكون النزيف نتيجة للإصابة بمرض خطير كسرطان المعدة والأمعاء والبلعوم...
لذلك، في حالة التعرض لفقرالدم الناتج عن النقص في الحديد، لا يجب الاكتفاء لعلاجه بتناول مادة الحديد لتعويض النقص الحاصل، بل من الضروري القيام بكشف سريري لدى طبيب مختص لتشخيص الحالة الصحية للمريض ومعرفة مدى إصابته أو سلامته من بعض الأمراض الخطيرة.
إذا كان انخفاض كمية الحديد في الدم ينتج عن فقدان الجسم لقدر معين من الدم، فالمرأة قد تعاني من هذا المشكل من جراء الدورة الشهرية حين يكون النزيف غزيرا، ويتفاوت هذا الأمر من امرأة لأخرى، لأن حجم دم الحيض قد يقدر بـ 40 مللتر في الدورة عن المرأة، كما يمكن أن يصل إلى ضعف ذلك عشر مرات.
النساء المعرضات لذلك لا يدركن انعكاسات هذا الأمر على صحتهن العامة، ويعتقدن أن الأمر لا تكون له أية مضاعفات ما دام حدوث الدورة الشهرية عند المرأة حدثا طبيعيا. لكن الأمر غير ذلك، إذ النزيف الشديد الذي تتعرض المرأة له أثناء الدورة الشهرية يستدعي منها إجراء مراقبة طبية لمعرفة مدى إصابتها بفقر الدم.
إضافة إلى ما سبق، هناك نوع آخر من فقر الدم ينتج عن النقص في حامض الفوليك أو في فيتامين "ب 12"، النقص الذي ينتج في الكثير من الحالات عن مرض في الجهاز الهضمي يجعله لا يمتص هذا الفيتامين، أو عن نظام غذائي غير متوازن، أو عن تناول بعض الأدوية.
هناك أسباب أخرى لفقر الدم كالخلل في وظيفة الغدة الدرقية أو مشكل في تكوين الكريات الحمراء من طرف النخاع العظمي نتيجة التعرض لتسمم أو لتشوه خلقي.
ويرتبط النقص في الكريات الحمراء في الدم، أيضا بأمراض وراثية كالطلاسيميا.

زيارة الطبيب، متى؟
إن الأعراض المعروفة التي تظهر عند الشخص المصاب بفقر الدم هي شحوب أو اصفرار في لون الجلد وسرعة خفقان القلب، وصداع في الرأس ودوار وعدم القدرة على بذل أي مجهود وتوتر نفسي...
إلى جانب هذه العلامات العامة، فالأعراض تخلق حسب المدة التي تستغرقها الإصابة، وحسب السبب المؤدي إلى فقر الدم، فحين تكون الإصابة ناتجة عن نقص في الحديد، تظهر على المريض بعض العلامات كتغير في حالة اللسان الذي يصبح رطبا والجروح في جانب الشفتين، والتقصف في الأظافر وتساقط الشعر.
وحين يكون فقر الدم ناتجا عن النقص في فيتامين ب 12، فالمريض يشعر بثقل في القدمين، ولون البول يصبح غامقا. ومن الطبيعي أيضا أن تختلف الأعراض حسب التكوين الجسماني للمريض وقوته البدنية وسنه ونمط حياته.

العلاج الملائم
لتجنب مضاعفات فقر الدم التي قد تصل إلى السقوط ضحية الغيبوبة أو الموت، يجب على المريض اتباع العلاج الضروري بعد التأكد من الإصابة بفقر الدم.
العلاج يتطلب أولا إجراء الفحوصات اللازمة السريرية منها أو المختبرية، لمعرفة حجم النقص في نسبة الكريات الحمراء في الدم.
ثانيا، العلاج يتمثل في علاج السبب المؤدي إلى النقص في الكريات الحمراء، وفي تصحيح نسبة الحديد في الدم أو فيتامين ب 12 أو حامض الفوليك.
إن أسرع طريقة لعلاج فقر الدم هي إضافة الدم عن طريق تحاقن الدم. لكن هذه الطريقة لها بعض الجوانب السلبية، منها أنها تفرض على المريض المكوث في المستشفى لمدة معينة، وتتطلب الحصول على الدم إضافة إلى احتمال التعرض لبعض المشاكل الصحية بعد عملية تحاقن الدم.
هذه الطريقة، وإن كانت تضمن علاجا سريعا وفعالا، يجب تفاديها حين لا تكون ضرورية تجنبا لبعض المشاكل المرتبطة بها.
وتبقى الوسيلة السهلة، والتي هي في متناول الجميع، هي اتباع وصفة دوائية توضح طبقا لنتائج التحاليل المختبرية لدم الشخص المصاب.
حين يكون المرض ناتجا عن النقص في الحديد، فالعلاج يتمثل في اعتماد أقراص الحديد لمدة محددة لا تقل عن ثلاث أشهر، وذلك لضمان العلاج من فقر الدم وتصحيح نسبة الحديد في الدم وتكوين احتياطي منه.
هناك من يعتقد أنه بإمكانه مواجهة مرض فقر الدم، فقط باعتماد نظام غذائي غني بالحديد والفيتامينات، لكن محتويات المواد الغذائية الغنية بالحديد غير كافية لمواجهة النقص في الحديد، لأن علاج فقر الدم يتطلب تناول من 100 إلى 200 ملغ من الحديد في اليوم الواحد، ففي الوقت الذي يحتوي فيه قرص واحد من الدواء على 66 ملغ من الحديد، فـ 100 غرام من العدس، مثلا، تحتوي فقط على 7 ملغ من الحديد، الأمر الذي يقتضي تناول كميات كبيرة لتأمين تغطية الحاجة إلى هذه المادة. لذلك تكون الأدوية الصيدلية هي الوسيلة السهلة والملائمة.
ويعتمد فقر الدم الحاصل بسبب النقص في فيتامين ب 12 أو حامض الفوليك، بدوره على تناول أقراص تتوفر على هذه المواد.
إن دور الطبيب في علاج فقر الدم مهم وحاسم، لأنه يحرص على توجيه المريض ويحدد له الفحوصات المختبرية الواجب القيام بها للكشف عن سبب فقر الدم، ويختار له العلاج المناسب ومدته وبذلك فهو يساعده على تفادي المضاعفات الممكن وقوعها، والتي يمكن أن تشكل خطورة على المريض بسبب عدم وصول الأوكسجين إلى الأعضاء الحيوية في الجسم كالدماغ والقلب والكلي...
هذا ويمكن مضاعفة الكمية المتناولة من الحديد بمرافقة وجبة الأكل بمواد غنية بفيتامين "س".
أما الأشخاص المعرضين للإصابة بفقر الدم، كالمرأة الحامل التي تحتاج لكميات مضاعفة من الحديد بسبب حاجة الجنين لهذه المادة وبسبب النزيف أثناء الوضع، كالأطفال والمراهقين لأنهم يكونون في مرحلة النمو، فعليهم تجنب تناول الشاي والقهوة أثناء الأكل لأنهما يحتويان على مادة امتصاص الحديد من طرف الجسم.

سلمت يداك يالحبيب على الموضوع القيم

سلمت يدااااك على هيك موضوع